أعلن منذ أيام رقم معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية للربع الأول من ھذا العام والذي حدد بمقدار 5,8 %، وقد جاء ھذا الرقم ليؤكد على أن السياسات الاقتصادية التي اتبعت قبل وبعد 11 سبتمبر الماضي أوشكت أن تؤتى ثمارھا بإخراج الاقتصاد الأمريكي، الذي يمثل %30 تقريباً من حجم الاقتصاد العالمي من أزمة الركود التي اعترته خلال العامين الماضيين، ورغم أن ما يعنينا في ھذا ھو أثر ھذا التغير على اقتصادنا وسياستنا الاقتصادية، إلا أن التعرف على إجراءات علاج الأزمة قد يكون فيه فائدة لمن يريدھا.
فقد فسر السيد/ آلان جرينسبان – رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي ھذا النمو بأسباب متعددة أوردھا في بيانات له أمام الكونجرس الأمريكي واجتماعات صندوق النقد الدولي ومعھد التمويل الدولي التي عقدت في أبريل الماضي، ومن أھمھا ما يلي:
أولا : أن الحكومة وقطاع الإنتاج أصبح لديھما بيانات ھائلة عن المتغيرات الاقتصادية بما في ذلك أرقام التغير في المخزون السلعي تتوفر لصانع القرار في ذات وقت حدوثھا.
ثاني اً: أن القطاعات الاقتصادية قد اكتسبت مرونة كبيرة لاحتواء الصدمات والتعامل معھا وكذلك ارتفعت درجة استجابتھا لمؤشرات السياسة النقدية كتخفيض سعر الفائدة. وأن قطاع الطاقة الحيوي على سبيل المثال قد تعامل مع صدمة سقوط “شركة إنرون” وكذلك تقلب أسعار
النفط بسبب توتر الموقف في الشرق الأوسط بدرجة عالية من المرونة لا يمكن مقارنتھا بما كان عليه الوضع منذ ثلاثين عاماً أو عشرين عاماً مضت بعد حرب أكتوبر وبعد سقوط شاه إيران.
ثالث اً: أن ھناك دور إيجابي قد لعبته المشتقات المالية في توزيع المخاطر عبر الوقت، ومن المعروف أن السيد/ جرينسبان لم يكن من المتحمسين لدور المشتقات المالية لما تسببه من مشكلات وأزمات وما تلقيه من أعباء على السلطات الرقابية، ولكنھا الحقيقة التي جعلته يؤكد على دورھا
في الإسھام في الخروج من أزمة الركود، حيث تبلغ قيمة ھذه المشتقات المتداولة عالمياً حوالي 100 تريليون دولار أي ثلاثة أمثال حجم الاقتصاد العالمي.
ولعله من المفيد أن أشير إلى أن معدل النمو المعلن يتضمن مكونين الأول ھو معدل نمو الطلب النھائي على السلع والخدمات ويبلغ 2,6 % والثاني معدل نمو المخزون السلعي والذي يبلغ 3,1 % وھذا الرقم الأخير تتضارب الآراء حوله، فقد تكون ھذه الزيادة تعكس تفاؤلاً من جانب القطاع الإنتاجي بزيادة في طلب المستھلكين والمستوردين، أو قد تكون بسبب إحجام المستھلكين وھو ما يؤكده انخفاض مؤشر جامعة ميتشجان من ثقة المستھلكين وما تشير إليه من أرقام مديونية القطاع العائلي من قروض شخصية وتسھيلات بطاقات الائتمان.