أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، أن التغلب على معوقات العمل المناخي يتطلب توافر أنظمة بيانات محدثة، وحشد التمويل الكافي لمشروعات المناخ، والبدء الفوري في التنفيذ الفعلي للالتزامات والتعهدات المختلفة .
وقال محيي الدين، خلال مشاركته في جلسة نقاشية حول معوقات العمل المناخي ضمن فعاليات أسبوع نيويورك للمناخ، إن التجربة أثبتت أن الحكومات والشركات والمؤسسات التي نجحت في تحقيق النمو وقطعت شوطاً كبيراً في مسارات التنمية اعتمدت في الأساس على نظم بيانات قوية، موضحاً أن الدول النامية تحتاج للاسترشاد بمثل هذه النظم للتعرف على المعايير الصحيحة والإجراءات اللازمة لتحقيق أهدافها التنموية.
وأوضح محيي الدين أن عدم كفاية التمويل المتاح للعمل المناخي يمثل عقبة كبيرة أمام تحقيق أهدافه، وقال إن أفريقيا لا تساهم إلا بنحو ٣ بالمئة فقط من الانبعاثات الكربونية لكنها ملزمة بدفع ثمن باهظ للتعامل مع الاثار الجانبية لظاهرة التغير المناخي فضلاً عن تمويل أهدافها التنموية الأخرى، مؤكداً أن عدم توفير تمويل كافي للعمل التنموي والمناخي في أفريقيا وكذا عدم توفير التكنولوجيا اللازمة لمواجهة التغير المناخي سيدفع بهذه النسبة إلى الارتفاع بمرور الوقت.
وأفاد بأن حشد التمويل اللازم للعمل المناخي يتطلب بالضرورة وفاء الدول المتقدمة بتعهداتها المتعلقة بتمويل العمل المناخي في الدول النامية، كما يتطلب الأمر التزام جميع الأطراف الفاعلة وفي مقدمتها القطاعان العام والخاص بالعمل المشترك لتمويل مشروعات المناخ.
وفيما يتعلق بالتنفيذ، نوه محيي الدين عن دور التكنولوجيات الحديثة في تقليص تكلفة استخدام مصادر الطاقة المتجددة بنسبة ٩٠ بالمئة خلال السنوات العشر الماضية، الأمر الذي يعكس فرص تحقيق النمو الشامل على مستوى الأهداف التنموية وعلى مستوى الاستثمار على حد سواء.
وأضاف أنه رغم توافر التكنولوجيا إلا أن العمل المناخي يسير في اتجاه معاكس، وبدلاً من العمل على تخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة ٤٥ بالمئة أضفنا إليها نحو ١٥ بالمئة لينحرف العالم عن تحقيق هدف التصدي للاحتباس الحراري بنحو ٦٠ بالمئة تتحمل الدول النامية تبعاتها والتكلفة الأكبر للتصدي لها.
وأكد محيي الدين أن تمويل العمل المناخي غير كافي، وغير فعال، وغير عادل، غير كافي لأنه حتى إذا تم الوفاء بالتعهدات الحالية فإن قيمته لا تمثل أكثر من ٣ بالمئة فقط من التمويل اللازم للعمل المناخي، وغير فعال لأن الدول تستغرق وقتاً طويلاً للتفاوض بشأن تمويل مشروعات المناخ بدلاً من استثمار الوقت في التنفيذ الفعلي، وغير عادل لأن الدول النامية والأسواق الناشئة هي الأقل نصيباً من التمويل وهي المطالبة بسداد فاتورة أزمة ليست سبباً فيها من الأساس.
وشدد محيي الدين، في هذا السياق، على أن العمل المناخي يحتاج لإرادة سياسية قوية ومصداقية والتزام، موضحاً أن توافر هذه العوامل في ظل وجود الحلول سيساهم في التعامل الفعال مع أزمة المناخ.
وقال رائد المناخ إن العمل على تحقيق أهداف التخفيف من آثار التغير المناخي يحقق نمواً جيداً في ظل مشاركة القطاع الخاص والشركات والمؤسسات غير الحكومية فضلاً عن دور تحالف جلاسجو لتمويل السباق نحو الصفر GFANZ، موضحاً أن التقدم في هذا المسار يحتاج لدفعة من الحكومات عن طريق خلق بيئة عمل مشجعة لمشاركة القطاع الخاص، بالإضافة إلى حاجته لضخ المزيد من التمويل.
وأوضح محيي الدين أن مسار التكيف مع التغير المناخي يحتاج لاهتمام كبير من قبل الحكومات في المقام الأول لتشجيع مشاركة القطاع الخاص والأطراف الفاعلة غير الحكومية، مشيراً إلى تقرير المركز العالمي للتكيف الذي أظهر أن ٣ بالمئة فقط من حجم تمويل العمل المناخي في أفريقيا المقدر بنحو ١١ مليار دولار يأتي من القطاع الخاص.
وأشار محيي الدين إلى ان المنتديات الإقليمية الأربعة لتمويل المناخ التي نظمتها الرئاسة المصرية لمؤتمر COP27 واللجان الإقليمية للأمم المتحدة ورواد المناخ أسفرت عن أكثر من ٦٠ مشروع قابلاً للاستثمار والتمويل والتنفيذ.