جمعية الاقتصاد واإلحصاء والتشريع: 100عام من التقدم

الثلاثاء, سبتمبر 20, 2016
الناشر:
الاهرام الاقتصادى / مجله روز اليوسف

لعل نشأة الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع منذ مائة عام تسوق الدليل على ھمة عجيبة ونهضة كبرى في عھد كانت مصر فيه ترزح تحت وطأة احتلال ‫مستبد، يضيق على البلاد سبل العيش والتقدم، ومع ذلك أخذ رواد النهضة والاستقلال في ‫إنشاء جيل يضارع أبناؤه في تعلمهم وأسس تكوينهم أقرانهم في أوروبا … ذلك لمن أتيحت له فرصة التعليم من المصريين.

‫فليست مصادفة أن يتزامن إنشاء الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي مع تأسيس الجامعة ‫المصرية، والتوسع في إقامة المدارس في ربوع مصر، والشروع في ترجمة أمهات الكتب ‫ومنها ما كان في علم الاقتصاد ما قام بتعريبه حافظ إبراهيم وخليل مطران بتكليف من ‫أحمد حشمت باشا وزير المعارف المصرية ليكون في مقررات المناهج الدراسية في المدارس.

‫إن ھذا يرجع إلى جذور غرست في الإقبال على العلم وبإعادة إحياء واحد من فروض الدين ‫وصالح الدنيا، على يد فريق من المتأدبة وأصحاب الدعوة لنهضة الأمة المصرية في القرن ‫التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، بما جعل لمصر الحديثة قدراً فريداً مازال ينھل المصريون المحدثون من ريعه وقوة دفعه.

‫لقد فطن ھذا الجيل المنشئ لمؤسسات العلم والمعرفة أن سبيل الاستقلال يجب أن يمهد ‫بإعداد جيل قادر على حمل لواء الحرية والتقدم، فكان رواد النهضة رافعين شعلة الأمل التي قادت الشعب من بعد ذلك للتحرير ونشدان التطور.

‫ولم يكن غريبا على جمعية، كانت ھذه ظروف نشأتها، أن تشهد بعد 10سنين فقط من ‫تأسيسها وفي عام شهير في تاريخ الأمة المصرية ھو عام 1919، لم يكن غريبا أن تشهد ‫الجمعية خطبة لسعد باشا زغلول معقبا فيها على محاضرة لمستشار أجنبي بمحكمة ‫الاستئناف عن مشروع قانون العقوبات الذي قصد أن يأتي منسجما  مع “الحماية البريطانية” ‫وفقا  لمفهوم المحتل، فيرفع سعد باشا صوته ببطلان الحماية أمام جمع غفير من رجال القانون والمثقفين. وكان من خطبة سعد باشا منذ تسعين عاما   مضت ما أكد فيه أن “أمتنا ‫المصرية ليست من قبيل الأقوام الهمج … وإنما بلد كبلدنا تكون له حياة ‘عريقة ‘في القوانين ‫والشرائع”، ويحدد سعد باشا مبادئ رصينة في التعديلات التشريعية ووضع النصوص.