شهدت العقود الثالثة الأخيرة ازدياداً في الاندماج الاقتصادي بين الدول المتقدمة والنامية وذات الأسواق الناشئة، وتدهورا في أداء المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية التي أُسست في غضون الحرب العالمية الثانية وفق معطيات عصر مختلف. ورغم كثرة الأطروحات لتطوير ھذه المؤسسات، وخاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي أتت في أثناء أو أعقاب أزمة مالية أو نقدية، لم يصب ھذه المؤسسات تغيير يذكر يصلِح من مسارها أو يطورها لتلاحق تغيرات العالم الاقتصادي الجديد وترتيباته بين الدول الفاعلة فيه. وبدون الخوض في أسباب الأزمات المالية والنقدية المتلاحقة التي تعرض لھا العالم في الربع الأخير من القرن الماضي وأشھرھا أزمة المديونية الخارجية لدول أمريكا اللاتينية في مطلع الثمانينات وأزمات الأسواق الأسيوية الناشئة في التسعينيات، وكذلك الأزمة المالية العالمية الكبرى الراهنة، تجد تأكيداً إلى افتقار العالم إلى مؤسسات تضطلع بما يأتي:
- وضع القواعد والمعايير لتنظيم الأسواق المالية والنقدية ومتابعة تطبيقها بشفافية.
- تفعيل جودة الرقابة المالية والإشراف على مؤسسات الوساطة المالية والائتمانية.
- متابعة اتساق السياسات الاقتصادية على مستوى الدول.
- توفير السيولة المالية والنقدية عند الحاجة إليها.
- تيسير عالج المشكلات الاقتصادية والمالية قبل تحولها إلى أزمات دولية.
- إدارة التدفقات الرأسمالية بين الدول.
- نظم سعر الصرف.
وتعد ھذه الأمور السبعة أُطراً عامة تندرج تحتها إجراءات محدده تطبق بدقة بما يمنع من حدوث الأزمات المالية أو تقوم على الأقل باحتواء آثارها بما يقلل من أضرارها وسرعة انتشارها.
ولكن رغم كثرة ما كتب من تقارير وتوصيات، خاصة في أعقاب الأزمات العالمية، في إصلاح النظام العالمي على ھذه المحاور السبعة لم يتحقق شيئا ً على أرض الواقع. بل تجد ملفتا ً للنظر تكرار التوصيات بما يكاد يكون حرفيا ً من أزمة إلى أخرى. فيمكن للمتابع الاطلاع على توصيات مجموعة الدول السبع الكبرى، ومجموعة الدول الثالث والثالثين في عام 1999، في أعقاب أزمة جنوب شرق آسيا، ومقارنه ھذه التوصيات بتلك الصادرة عن مجموعة الدول السبع الكبرى ومجموعة الدول
العشرين الصادرة في عام 2008 بعد اندلاع الأزمة المالية العالمية الكبرى فسوف يجد ھذا التكرار بالتوجيه بإعادة بناء نظام مالي عالمي جديد، ومراجعة دور المؤسسات المالية الدولية التي أوجدها ”نظام برايتون ودوز” مع اقتراحات العادة ھيكلة ھذه المؤسسات والنظر في نظم الحوكمة والتصويت فيھا.